صوت في هدوء الليل

الهواء جميل جداً، الجو فيه برودة بداية الخريف والصيف بيودعنا. كل اللى بفكر فيه أن دا وقت مناسب جداً ﻷموت، معرفش ليه، مفيش أي شئ سئ للدرجة قد يكون سبب في التفكير الغريب دا، النهاردة ثالث يوم العيد - احنا لسه في بداية اليوم يعني- ثاني يوم أجازة ليا من الشغل. كنا في الزمالك وكنا بنتكلم وبنتناقش وقاعدين كل شئ جميل، لحد ما قعدنا في العربية وقعدنا نتكلم شوية وبعدين شغلنا أغاني، اشتغلت كل دا كان ليه، للثلاثي جبران، وحقيقى، كل دا كان ليه؟ محمود طلب من وصال أنه لو مات تكتب على شاهد قبره : " كل دا كان ليه؟ " ودي حقيقة، كل دا كان ليه؟!.


في واقع الأمر دى حقيقة، معارك دموية، جبهات كثيرة في وقت واحد، أمور مصيرية مهمة جداً، الوقت مستحيل يشفي جرح غلطة عملتها في حق حد، مستحيل ها تقدر تنسي اليوم اللي قعدت فيه أكثر من أربعين دقيقة تتكلم وبتقول كلام كله وجع لبنت غريبة جداً عنك وكانت قاعدة بتعيط بس كملت كلام بدون أدني احساس.

العيد دا عكس العيد اللي فات الحمد لله، الدنيا أحسن مادياً، اجتماعياً إلى حد ما لطيفة. المقربين قلة قليلة جداً، ﻻ يتعدون اليد الواحدة.


الجو مشجع جداً أن الشخص يموت، مشجع أن البنى آدم حياته تنتهي وتكون في سلام كما هدوء الليل دا. الوجع هايروح، كل شئ هاينتهي، صحيح " كل دا كان ليه؟! "...


كل يوم يمر عليا احساس جديد، بحس أني ممثل، أني كاتب حلو جداً وافكار لمقالات وروايات قصيرة جميلة جداً، بحس أني مدير شركة مهياش كبيرة بس تحت ايدي موظفين كثير مبسوطين وعندنا إنتاج كبير جداً، بصحي في يوم عندى احساس أني نكرة، وﻻ حاجة من كل دول، أني منافق وبضحك علي نفسي قبل ما بضحك على الناس، أني وﻻ حاجة من كل دول، أني مجرد واحد بيعرف يعمل حاجة من كل حاجة بس مش شاطر في حاجة معينة بنسبة 80%. شاطر بس يريح الناس ويطبطب عليهم ويخليهم نفسياً في أحسن حال. شاطر أكون للناس اللى نفسي حد يكون ليا زيي كدا.


----------------------------------------------------------

لمَ كُلُ هذا العناء؟! لِمَ ﻻ تأتين إلىَّ كما نريد؟ تفرقت بنا السبل ﻷسابيع ثم هاهنا نحن الآن في وسط هذه الدوامة، يعاني كل منا في وادٍ والآخر في وادٍ آخر، فقط المشترك بيننا أننا نعاني، نأسى ونتألم، صارت أمورنا بلا حتمية، نحن في المنتصف، بين الخسارة الكلية الحتمية، وبين أنا نخوض هذه المعركة سوياً، ﻻ أحد فينا سيحمل مهمة الآخر، نحن في هذه المعركة سواسيةٌ في المهمات، يحمي كل منا ظهر الآخر، يؤمن صفاء الجو العام، يتمنى من أعماق قلبه ألا تسوء الدنيا وألا ينفلت زمام الأمر عما قد تم الاتفاق عليه، أن ﻻ نترك القيادة فيداهمنا الخطر ونحن ﻻ نقدر عليه، أو أنتِ التي ﻻ تقدرين عليه، تعلمين كم أقدر على تحمل الألم، حد الموت عزيزتي.


فقط تركتني أقرر ﻷنى من بيده زمام الأمر حيث أنني من فاتحك بما يريد لنا، فقط أنا من عليه أن يقرر.. هذا ظلم ولكنني رضيت وعلىَّ أن اتحمل نتيجة قراراتي. حسناً لن نخوض هذه المعركة دون سلاحنا الأهم ألا وهو الصراحة، لست من الجاني، أنت من جني وانت من طعن طعنته الأولى، سرتي بدوني في درب لست مُلامة عليه. سارت حياتنا دون أدني ترتيب، فقط اصبحتي عدماً. ثم لم اتحمل هذا العدم، فقررت أنه لا بد من إنهاء هذه المسرحية أو أن تُكمل فصولها حيثما انتهينا،وجدتك قد قررت أن لا تكملي وانك ستضعين فاصلاً زمنياً اعلانياً، أنه ﻻ وجود لهذه الأرض النضرة، سنظل في الصحراء قليلاً حتى تهدأ الدنيا وتصيرين قادرة على الزراعة والرعاية ثم حصد المحصول، الذي قد يفسد إن اهملنا ابسط التفاصيل. حسناً هذا ليس عدلاً.

إنى غاضب، ﻻ ادري ماذا سأفعل، فقط اعلم أنني لن اقبل بالأسي والزيادة في المهمات المقررة علىَّ والتي هو من مهماتك أنت. إن أردت العيش في الصحراء عشت معك، لكن أن تعيشين وتحمليني ما هو مُحملٌ عليك ﻻ اقبل، أن تجدين ما تريدين حاضراً ولا تقدمين سوى ما تهوين لن يحدث. هذا ليس بعدل.

هناك الكثير لم يُقل، لكن اعلمي أنى لم اقله ﻷنه لا فائدة من الكلام عما مضي، لن يصلح الماضي ولن يفعل أي شئ سوى النكد والكدر. تحملي إن أردتي العيش سوياً، صارعي الحياة ﻷنها ليست كما تريدين، عليك أن تكسبي ما تريدين منها، أن تكوني أهلاً لما تطلبين.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

في رثاء عزيزةٍ

Mania -1

نعكشه