فى تلك اللحظات التى يسترق فيها النظر للوراء والدمع المتساقط لضحكات مكتومه داخله يشعر حقاً بالإمتنان لكل ما فات من سحق وسقوط والكثير من خيبات الأمل . يشكر الرب أنه لم يكن ذلك المتراخى الحالم المتأمل بالقادم أفضل أو أحسن ، إن حدث أى شئ غريب عنه يتوقع أغلب السيناريوهات السيئه والأكثرها شذوذاً عن الطبيعى والمتوقع من المتفاءل الذى يسكن العالم الموازى ، لم يكن يستحى أن يُفصح عما يدور بخلده . إصطدم بالكثير وخسر أكثر مما توقع لكن إستمر على نفس الطريق والمنوال ، ينظر لما آل إليه ويحمدالله على هذه النعمه وأنه إستطاع أن يتخطى الكثير من اللحظات التى تتبع الفشل أو الخطأ المُتوقع لكن لا يد لك فى حله حتى تقع المصيبه أو كما يقولون " تقع الفأس فى الرأس " .

يرجع بالكرسى للوراء ويبعد كل ما هو أمامه من أوراق وصفقات لا بد أن تُراجع ، يطلب من السيكراتيره أن لا شئ يُحدد اليوم ويطلب منها كوباً من الموكا ومن بعدها بساعه كوب من العصير الفريش ويا حبذا البرتقال. يبدأ فى التفكير فى نشأته: أمٌ ليست المثاليه لكنها بذلت جهداً لا يذكر أن أماً فعلت لإبنها ما فعلت له ولإخوته المرحومين. أبٌ بلا قيمه لم يجد به سوى آلة صرف المصروف الشهرى والقليل من تسميم البدن بين حين وآخر أو عند طلب ما هو مستحق أو قليل من الزيادة والرفاهيات. إخوةٍ لم يسعد بصحبتهم على قدر ما قد طلب منه أن يعتنى بهم ويعتنوا به ويكونوا السند فى هذه الفانيه. يسحب من هواء الغرفة ما سمح له خصوصاً بعدما حذره الأطباء من بذل أى مجهود زائد عن المعقول فى حضور هذه الإصابة التى أتته من آخر مبارة لعبها مع رئيس مجلس الإداره. وحينما يُفرغ ما أخد يبدأ فى التفنيد فى صفحات الماضى من تهربٍ لتحمل المسؤوليه ، قصص حبه الفاشله والمراوغات وكثرة الفتيات من حوله ، ربما لم يفصح أنهم لن ينالوا تلك المكانة فى قلبه ، وأنه يفضل صداقات الحسناوات على صداقة الذكور أشباه الرجال ، يبقى على قلة قليله من الرجال الذين عرفهم من صغره لكنهم ليسوا أهلاً للجد بعدما فُقدت الصله والرابط الوثيق ما بينهم ، يذكرهم ويذكر تلك الأيام التى كانوا يقضون الليل والنهار حديثاً وصراخ ونباح البيوت من فاتورات الموبايل والهاتف الأرضى ، والنوم تحت سماءٍ صافيةٍ نجومها معدوده بسبب التلوث لكن لا بأس بذلك العدد والعشب من تحتهم والست تقول لهم إنما للصبر حدود ، وفات الميعاد ، و ألف ليلة وليلة .


تلكم اللحظات حينما نال المجموع المطلوب لكنه لم يعلم إلى أين يذهب به وذهب لكليات القمه فقط من أجل أنه طُلب منه ذلك ، وبدأت أقوى الحلقات تشويقاً فى حياته لم يكن يعلم أنه سيتغير ذلك التغيير ويصبح ما هو عليه الآن ، الفضل يعود لما قبل تلك المرحله من الأصل . لكنك لا تلحظ هذا وتنسب الفضل للمرحله الأخيره من التكوين الأصيل فى الشخصيه . بعدها تجد أن ما بُنى هو فروع تأصييه للأصل المتوافر سابقاً أو تطوراً لما كان ينتظر التأقلم مع معطياته الجديده.

تصحيح المسار المتوقع هو درب من الخيال .. لم يكلن يعلم أنه سيفقد كل تلك المهارات وتبقى له هذه . فى الواقع هو الآن يضطر أن يغلق ما يكتب وينصرف إلى المنزل حيث ينتظره الحمام الدافئ وبالليل يلتقى الأصدقاء القدام ليضحك ويبكى من داخله على مرور العمر سريعاً دونما أن يحقق ما كان يرجوه . سيلعب قليلاً ليستعيد الذكريات وأيامه التى كانت تمثل مجرد لعب أطفال بجانب ما هو عليه الآن.


سيبقى ممتناً لأول قطةٍ إمتلكها . وأول هدية عيدميلادٍ جائته منها . لن ينسى أبداً دفئ يديها ، سيبقى أبد الدهر يرجو أن لم تكن فارقتنا وصعدت لمكان أكثر راحه بعيداً.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقط، استمتع.

الجنوبي - الإهداء

الصمت كالسوس