الجزيرة التى وعدهم بها الرب

عزيزتى الحمقاء تعالى أحدثك عن أحدهم


تآلفت الأرواح واستقرت أن قد حان وقت الراحة ، صُممت المجالس وارتاحت المنهكة المتهالكة أجسادهم سوياً ، لكنه لم يحن وقت الراحة بعد، بدأت تتوالى عليهم المنغصات ، صارت تتفنن فى أن تؤلمهم حيث يخافون ، صار الهلع والصراخ عنواناً لهم ، نزفوا الدموع ، سكروا من صوت صراخهم ، أعيتهم النشوة المفقودة بينهم.


حاربوها وتشبثوا ببعضهم البعض ، قاتلوا كما يقاتل الصياد فى تلكم الغابة الموحشةُ التى اضطر أن يسكن بها بعيداً عن صخب المدينة القاتم المُشين. لم يكن هيناً أو سهلاً  قتلها ، لكن لكل جميل تضحية ، وجب عليهم ان يُضحوا بالراحة الزائفة ، بالأوامر المُطلقة ليخضعوا لجهنمهم الخاصة ، ضحوا سوياً بالمنطقةِ الهادئةِ من الحياة، قادوا سفينتهم إلى الموج كى ينالوا فرحة الاستقرار بتلكم الجزيرةِ التى وعدوا أنفسهم بها ، تلكم التى يعلم كم هى حلوة الربُ. كان طريقهم بالصعب جداً، لم يكن ممهداً أبداً كما كان لمن يعرفوا، أصرت أن تذيقهم الأمواج مما قد يهلعون من قوته فيقررون الغوص والاستسلام للظلام الذى يسكن فى العمق، فعلوا ذلك كثيراً ، أهابهم الألم فصاروا يأتون للعمق كثيراً ، صار الظلام نديماً تندم حينما تراه.


تعلم أنها إن تركته فى أى لحظةٍ لن يعودا كما كانا من قبل ، قد يعودا أجمل من ذى قبل لكنها ليست بضامنةٍ أن هذا قد يحدث، تخشى أن هذا لا يجب عليه أن ينتهى ولو لوقتٍ قصير، تخشى أن تترك القارب بمنتصف الطريق وتدعه للموج الذى بدأوا مشوارهم إلى ما بعده إلى تلكم الجزيرة التى وعدهم الرب بها فلا تلقى القارب ومن تحبه عليه، تخشى أن تعود إلى منتصف اللاشئ مجدداً وبشعورٍ أليمٍ من الندم والحسرةِ والاحساس بالمسؤولية لما قد آلت إليه الأمور.


صار لا يدرى ما العمل أو الحل ، صارت الدنيا ليست إلا أموراً تقوده إلى تلكم الجزيرة ، إلى ذلك المنتهى الحلو صعب المنال ، لم يكن يخشى الموج ، لم يخشى أبداً الموت ، صار يخشاها أن تدعه فى منتصف الرحلة ، يخشى من اهتزاز القارب عليها ، يخشى أنها ليست بقادرة على المشقة أو العناء تحبوا كى تظل هنا لكن المجريات تعدوا كعدوا السيف فى يد صاحبه الذى يقتل وينهب دون أى نوعٍ من أنواع الرحمة أو الراحة. صار يعلق آماله بتلكم الخيوط التى شبكت بالأسابيع الفائته ، صار يقويها ويرعاها ويهذب من اتزان الأشياء كى لا تزيد الطينةُ بِلةً ويصير الحمل كثيراً عليها ، صار يجمل أحماله ويرسم بها القليل من الألوان كى لا يصير هو الأخر مُهدداً بالسقوط فى الظلام وترك القارب للقدر يلهوا به كيف يشاء ويخسرا كل شئ رأياه سوياً بأحلامهما التى لم يصارح أحدهما الآخر بها ، لكنه يعلم تماماً أنها رأت ما رأى وأنها سيصلان قريباً فى وقت من الأوقات لكن عليه الآن يظل بجانبها ويرعاها ويصون ودها وقربها حتى تصير الأمور كما كانت على سابق عدها بل إنه يرى أنها بعد هذى المشقة والعذاب ستصير حلوةً أكثر لكن عليه أن لا يخطئ الخطأ السابق وأن عليه أن يدع الأمور فى يده ، لا نترك الأمور المصيرية هكذا بيد الحمقاوات كما تعلمين ، فأنتم لستن بأقوياءٍ لكى تتحملوا القدرة على هذه القرارات، ستهلعون.


تعالى أقل لكِ شيئاً بالبسيط، هما الآن على مقربة من الشاطئ والجزيرة التى وعدهم بها الرب ليست بالتى كانت بلوحاتهم الزيتية الزاهية ، لكنها تعدهم بالكثير من الأمور التى سيأتى اليوم الذى ستقرأين فيه عنهم وتعلمين أن الحياة بها الكثير من الأمور التى ليست

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقط، استمتع.

الجنوبي - الإهداء

الصمت كالسوس