ادنُ منى .. ولا تخافى.

تحت ضوء الليل الهادئ بدأنا الكلام، كنا لا نعرف ماذا نفعل في هذه البقعةِ من الصحراء، فقط قررنا أن نخرج في الهواء الطلق دون أى دليل أو علامةً تدلنا على مكان المخيمات التى جئنا معها، كنا قد انتظرنا أن نذهب سوياً إلى الصحراء والتمتع بالجو الجميل، كنا في بداية الشتاء وكان الجو جميلاً، الصحراء تعطينا من البرودة ما تقشعرين له، وتنظرين لي بكل حبٌ لكى أمسك يدك كما يفعل البدو حين يشتد عليهم البرد، يجلسون حول النار يستحثونها ان تدفئ اجسادهم. قلتى لى ذات يومٍ أنه حينما أمسكتُ يدك لم تشعرى بمثل هذا الحنان والحب يوماً، لم تكن مرتك الأولى، لكنك لم تعلمى من أين جاءت تلكم القشعريرة. أنه حينما أُمسكُ يدَكِ يخفقُ قلبك سريعاً، كل مرة نتلامس تشعرين أنها أول مرة، حتي بعد أنا صرنا في الثلاثين من العمر وأننا صرنا سوياً منذ كنا شباباَ، فأضحك من حماقتك ودعابتك، اعلم جيداً أنك تقولين هذا لكى انظر لك شظراً وأقولك لك أنك لازلتى شابة يافعةً وأنك جميلتى التى ستظل شابة في نظرى مهما طال العمر، وستضحكين وتظلين تحاولين مداعبتى أنى عجوز وقد خط البياض شعر رأسى وسأقولك لك أن هذا البياض ما يجعلنى أكثر جمالاً وأنه مهما كبرت سأظل مغناطيس فتياتٍ وستظلين أنت الأولى في عينى. سينتهى هذا النقاش أني القي بظهرى على الرمال، وتلقين برأسك على صدرى، تنظرين إلى السماء ثم فجأة تبدين في النحيب، تبدأين فى البكاء ثم تقعدين وتنظرين لى وفى عينيك الدموع مازالت، تنظرين بدون كلامٍ، تعلمين أن البكاء ليس مناسباً فى مثل هذه اللحظة ولكنك سعيدة، تشعرين بأننا كما كنا منذ سنواتٍ ليست بالبعيدة، أنك تقدرين كم بذلت من المجهود كى نذهب سوياً فى مثل هذه الرحلة. امسح دموعك واقعد واضع رأسك على قدمي، اداعب شعرك المنسدلَ بحريةٍ كما لو كان ينتظر صديقه المقرب كي ينظمه ويجعله في خطوط متقاربةٍ منتظمة.

سنظل هكذا حتي يأخذك مني النوم، وتذهبين في عالمك الخاص، سأظل جالساً هكذا انقل نظري بين هدوء نومك، وبين هدوء السماء وصفاء النجوم، سأظل هكذا حتى تقومين فجأةً مذعورة أن قد فاتك ميعاد رحلتنا فى الصباح لتجدي نفسك فى العراء، لا خيمَ ولا نارً مشتعلةً للدفئ، فقط أنا، ستدركين بعد دقائق أننا خرجنا سوياً للتمتع بالصمت في مثل هذه الأجواء، ستضحكين بصوت مرتفع وتقومين لتعتذرى فأقول لك توقفي يا حمقائى، لقد كنت استريح قليلاً من صوتك المزعج، لقد كانت نصف ساعةٍ رائعة.

بعد أن آكل تراب الصحراء كُله نتيجةً طبيعية لمَ قلته، تبدأين في الجلوس بجانبى وتسندى رأسك على كتفي ونظل هكذا حتي يطلع الصباح، حتى تبدأ الشمس فى الشروق فنجدنا قد نمنا حتى الصباح، قد احتوانا الليل واعطانا ليلةً هانئةً.





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقط، استمتع.

الجنوبي - الإهداء

الصمت كالسوس