فى مساءٍ هادئ، كالذى أحظى به بعد العديد من خيبات الأمل والكثير الكثير من نوبات الهلع، ها أنا ذَا اتحدث لكم، صارعت الكثير حتى أتيت إلى هنا، قتلت الكثير من الوهم حتى تظهر لكم عورتي، لست مثالياً كما كُنتُم ترونني، أنا فقط إنسانٌ، يُخطئ ويصيب. لم أنل من الحياة الكثير من السعادة، يزين إطاري الكثير من الألم، الحزن الدفين الذى تآكلت بسببه الضحكات، خرجت كاذبةً مزيفة، صفراء بلا تجاعيد صادقة على وجهي، فقط اتصنع الضحك حتى تظهر الصورة أحلي، هذا ما نفعله، هذا ما وجدنا عليه أباءنا!.
سأحدثكم اليوم عن الكثير من الذي لا تعرفونه، عن أشياءٍ ليست جميلة، عن وجهي القبيح، نعم أعزائى لي وجه قبيح، املك من الحزن والاكتئاب ما قد يفيض بما تملكون من حاويات نفسيه بداخلكم. أبدو من الداخل كقصرٍ جميل، لكنه مهجور، تُركت وحيداً لأقارع الحياة، هزمتني؛ في الكثير من الجولات دمرتني. سرت الطريق إلى هنا وحيداً، أمتلك من الأصدقاء الكثير، لكننى لا أثق بهم، أشك في وجودهم، أبقى متردداً، ماذا سيحدث بعد قول كذا، لا أريد نظرات شفقةٍ أو رأفة، أريد أن أطل على نوافذ حياتهم بالضحك والمزاح والكثير من المداعبات والنكات التي تحمل المعاني الكثيرة - كعادة جيلنا فى وقتنا ذاك -.
احمل بداخلي الكثير من السواد، أكره الكثير من الأشياء، لا أحب الصوت العالي ولا المزاح الدائم، أحب الهدوء اعشق الصمت، أحب أن تكون معي في حياتي شريكة، نتشارك كل شئ فى هدوء، أنا تكون علاقتنا ناضجة متصابية في بعض الأوقات، نستطيع أن نري عوراتنا دون خجل، أن نتعرى من كل ما نختبئ ورائه ونكون بالألوان الحقيقية لنا، حتى وإن كانت مثل ضوء الليل الخافت الذي ينير الظلام الدامس لكنه لا يقدر على محوه.
يكمن بداخلي الكثير من الأصوات، قد تبدو مسالمةً إن جلست معي بداخلي قليلاً، لكنا لا تذهب بعيداً أبداً! تظل دائماً على مقربة، تنغص معيشتي، لماذا قلت هذا، لما فعلت ذلك، أنت مُقصرٌ في حق كل الناس عداي. أملك صديقاً لا يبارح مكانة، أصدق الناس معى منذ البداية، إنه السواد، ذلك الصديق لا اسم له، لا شكل له، فقط سوادٌ معتم يحلق فى المكان ويسيطر على كل الأجواء، يزورنى معه الكثير لكن يبقى هو الثابت الذي لا يتغير،
أعيش بداخل سجنٍ في حارة قديمة، لا يمر بها سوي المجهولون أمثالي، اري النور قليلاً من نافذة صغيرة، أستطيع أن خلالها أن ابصر الألوان التي تمر طوال اليوم، لا أري الصورة كاملة لكننى أري ما يكفيني لكي تزيد الاصوات من معاناتي اليومية، لا اري فائدة من الخروج من السجن، أنا سجين نفسي، أسير أصواتي!.
لست مريض انفصام، أجيد الفصل بين ما أمر به وما أنا عليه، اكره السجن ولا أقوي على الخروج منه، احارب الجروح التى قد ادمتنى بالمسكنات التى لكنها تظل تسقينى مرارة الألم المبرح.
هل أنا وحيد؟! نعم ولا، أملك من الأشخاص الذين نحب بَعضُنَا بعضاً الكثير، لكن أنا وحيد لأني لا أريهم ما يُرى في الحالات الطبيعية، فقط اكون كما تعودوا ان يرونى، لهذا أنا وحيدٌ بالكثير من المقربين.
ارغب حقاً فى الانتحار، لا أريد العيش ولا الكفاح، كاحفت كثيراً حتى مللت الكفاح ولن ابقى مهزوماً ولكنى لم انصر، لماذا ابقي كثيراً في العدو والجري المضني الذي لا ينفك وأن يسبب لي المزيد من الالم وخيبةُ رجاءٍ جديدة؟! أملك نهايةً سعيدة الآن، البحر امامي وأهبط من الدور الثالث وينتهى كُلُّ شئ، لا مزيد من الألم، الكثير من المجهول المظلم، سأحظى بصديق جديد بجانب السواد قد يكون احد أقاربه! حسناً سأحاول أن أنهي كل شئ قريباً، لا اعلم متى لكني سأحاول وأتمنى أن تنجح محاولتي!.
تعليقات
إرسال تعليق