سفسطة عجوز.
تكلم حتى أراك، دي مدرسة من مدارس الفلسفة، ولهذا السبب أعتقد أني غير مرئي، ﻷني لما بتكلم مبقولش حاجة عليها القيمة، في آخر جلسة الدكتورة سألتني عن مين أنا؟ وإيه هي Identity بتاعتي، وطلبت مني أشوف إيه هي هويتي، ولكن للأسف مالقيتش ليا هوية، الناس بتكون هويتها شغلها، علاقة عاطفية، علاقية سامة مع أب أو أم، ولهذا السبب هم كلهم مربوطين بالواقع، أو بمعني أدق Earthed كمصطلح وكنفسية هم Anchored.
الواجب بتاع الجلسة اللي فاتت أشوف حاجة anchor وأدور لحد الجلسة الجاية، ولكني مش لاقي أي شئ يقدر يشدني للأرض، أعتقد أني شاطر في أني أدور على الحاجات اللي خسرتها وعندي مشكلة في أني أشوف الحاجات اللي معايا، وهافضل عندي المشكلة دي لحد ما أتعالج، ﻷني مقدرش أشوف الحلو بالسهولة دي، وأعتقد أني شبه نيتشه شوية في النقطة دي، عمري ما قدرت أفهم السوداوية اللي في كلامه غير لما قرأت شوية عن حياته البشعة، وبالتالي هو فعلياً كان في حاجة أنه حد يحتويه ويساعده يشوف الصورة الحقيقة مش الصورة اللي مشوهه بسبب الغيمة السوداء والفراغ (void) اللي هو عايش فيه.
كانت علاقتي بكل الناس مبنية على أني أعطي لهم اللي عمره ما كان عندي، وهو أني كنت Parent figure, واكتشفت بعد فترة من الاستنزاف أني مبقاش عندي مقدرة على تمثيل الدور دا، فا بقيت بدور على حد يكون ليا كدا، وحيث أنه عمره ما كان موجود في الواقع، خلقته في دماغي وقررت اعامل الأب والأم اللي في الحقيقة على أساس الأب والأم اللي أنا خلقتهم في خيالي، ودا كمان اتدمر، وبقيت بلا أي شئ أحس بانتماء تجاهه، أو حتى شئ أقول أني شاطر فيه، يمكن أنا شاطر في حاجة واحدة، وحقيقي متفوق فيها، شاطر في أني أفشل، ولو حاولت أني أكتب عن كيف تفشل في حياتك هايكون عندي ابداعات رهيبة في أني أساعد الناس إنها تفشل بدون أي معضلة، ويمكن الفشل سهل، بس الاستمرارية في الفشل هي اللي بتميزني.
عندي يقين تام أني بعد سنة من يوم ميلادي، هاكون بلا أي خطوة لقدام، ﻷني حالياً مش بعمل أي شئ يحركني، وحتى خوضي لتجربة العلاج النفسي من جديد مع مدرسة جديدة، يصنف كتقدم، يمكن أدركت مؤخراً سبب رفضي في أني اتعامل مع طبيبة نفسية، هو أني مدرك أن الذكر هايكون فاهم المشكلة اللي بتكون موجودة في كل شرقي رجعي متخلف مننا، وهي أنك مبتعرفش تترجم مشاعرك الترجمة الصحيحة، وأنها طوال الوقت بتكون موجودة وبتترجم غلط، او بتخرج في صورة غير صورتها الحقيقة. أعتقد أن د.د هاتكون خطوة في أني أفهم مشاعري أو على الأقل أقدر استوعب اللي بيمر في بالي، بس هل هاتقدر إنها تساعدني على أني أسكت كل الخناقات اللي في بالي، هل هاتقدر إنها تكون فعلاً عاوزة تساعدني وﻻ هانوصل لنفس اللي وصلت له مع طبيبي السابق؟ ونوصل للمرحلة أن الحياة فعلاً صعبة، وطريقتي بتصعب الحياة أكثر وأنها هاتكون عاوزة تمشي العجلة لفترة وتضمن إنها ماشية وربنا يكرم بقى في السكة الحاجات الباقية تتصلح؟
عندي فراغ رهيب في علاقتي بالميحيطين بيا، وهي أن مهما حكيت وشرحت لهم اللي بمر به، هايفضلوا عاجزين تماماً عن الوصل بين الحكاية وبين الواقع، وهايكونوا بيقولوا كلام لمجرد التهوين عليا، ولكن في الحقيقة محدش قادر يستوعب الكلام وﻻ يقدر يفهم حجم المعاناة اللي أنا فيها. عشت طول حياتي محروم، من مشاعر، ومحروم مادياً، وعشان كدا دلوقتي معنديش التقبل ﻷني أعيش على قد اللي بيدخل ليا، ﻷني عمري ما عشت حياتي مبسوط وبصرف وأنا مبسوط، طول الوقت عندي هوس أن فلوسي بتخلص، وأني في الآخر هاكون مديون للناس، وأن معنديش أي شئ استند عليه ويساعدني في أني أعيش حياة كريمة، يمكن كمان دلع مني وترفيص عيال صغيرة أني أعيش كما الخلايجة وأنا أصلاً شحات بقبض أقل من 200$ ولكني بتعامل أني بقبض 2000$، أعتقد جزء مني رافض الاعتراف بالفقر، ﻷني عايش طول حياتي فقير، هل أقدر أني اعترف بدا لحد؟ ﻷ كرامتي ﻻ تسمح ليا وعمري ما برفض خروجة، ولهذا السبب ممكن أبعد تماماً عن ناس في حياتي بسبب أني مادياً مش قادر أواكبهم، ودا حصل مع ناس قريبين، وأعتقد أني تراجعت عن دا ورجعت للكلام معهم بس عندي مشكلة أواكب مع حياتهم، يمكن فاتني كثير بسبب دا، ويمكن طول الوقت في مقارنة بيني وبين زمايلي اللي في سني والأصغر مني، وطول الوقت لما بقعد وأسمع مشاكلهم وأبص على أني باجي على يوم 15 معييش في جيبي مليم واحد، وأني فعلياً بخرج بشرب قهوة سادة سينجل عشان ما أصرفش كثير، وبمشي في عز الحر بدون تكييف عشان البنزين، وأني مهما كان المكان غالي فشخ، عمري ما ببص أنا عاوز إيه ببص دائماً أقل حاجة أقدر آكلها وسعرها ميكونش غالي. دائماً بشيل هم الفاتورة أما بتنزل في أي مكان، ودائماً بكون قلقان من اللي جاي هل معايا فلوس له وﻻ ﻷ؟ يعني مثلاً إصابة ظهري، أديني بقالي شهر أهوه، ولسه فيه ألم ولكني عادي بتجاهله، ﻷني هل معايا الفلوس حتى بالتأمين الطبي؟ أكيد ﻷ، وأكيد كل مرة ظهري بيوجعني شعور الفقر بيهجم عليا وبحس أني ماليش وجود.
المهم يعني، لما باجي أتكلم، بكون فاضي، بدون معنى، وشبه ماليش أثر، بس بعوض دا إني بكون في حياة الناس الشخص اللي عمره ما هايكون موجود، وهو الشخص العاقل، واللي عارف كويس جداً يحلل كل حاجة ويعوضهم عن الدعم النفسي والمعنوي، ووجود عين بتقول الحق.
يمكن بعد سنة من دلوقتي، أما يفتكروا كل المواقف اللي عدت، أكون سيبت أثر حميد في حياة أي شخص، أعتقد أني ﻻ أسعى لترك أي بصمة في أي شئ، وبتمنى أكون خفيف ووجودي غير ملحوظ، بس بتفلت مني كثير وبسيب أثر كبير، أتمنى يكون طيب وإيجابي، ولما وقتي يجي أكون خلصت كل الديون، خلصت كل المتعلق، خلصت الكلية، وخِلصت من إحساسي بالذنب أني حمل على كل شئ محيط بيا.
صحيح: حياتي مالهاش أي معنى، ووجودي في بيئة من الناجحين بيساعدني في أني أحاول أتحرك، بس حركتي في مكانها، واقف عن نقطة الصفر بحاول مابقاش نازل في السالب، بتمنى أعيش أيام طيبة خفيفة، فيها جزء من الرضا والسلام النفسي، بس كدا.
تعليقات
إرسال تعليق