كحبات الندى

إن كنت لا تقوى على البوح، فلا تيأس من المحاولة. لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً.

لست أدري لماذا أنا هنا من جديد، فقط أعلم جيداً أنني افتقد الكتابة، أفتقد جداً أن أقرأ شيئاً يثير اهتمامي، يجعلني لا أدرك كم مر من وقت. أدركت الثلاثين، لست أعلم ماذا أنا بفاعل، كل ما كنت اتوقعه أنني لن أبلغ الثلاثين، أنه ستأتي واحدة من تلكم الصدف تنتشلني من الوجود. لم أكن طفلاً، مراهقاً، شاباً محظوظاً، لست أدري هل أنا شاب أم قد شاب شبابي وأصبحت كهلاً، مرت عليَّ السنوات مرور الكرام.

عشت في كثيرٍ من الوقت ضحية، ألوم الكل ولا ألوم نفسي، الكثير من الوقت أنتقم ممن ألوم، يضيع الوقت فيما يقع تحت يدي، لم أكن أعلم أن ما يمر ليس سوى عمري. مررت بكثير من خيبات الأمل، لم تترك سوى الألم، عرفت الكثير من الخسائر، حتى أصبحت أكفأهم نجاحاً في أن أُهزم، لم يهزمني أحد، هَزمتُني.

كثيراً من الوقت مرَّ ضيفاً كنت أنا، وصلت إلى نقطةٍ لم تعلم نفسي من هي، هل كنت فعلاً ضحية؟ هل جنت على نفسها براقش، وهذا حصاد ما زرعت؟ نعم، احصده. عندما كنت مراهقاً أبدأ عامي الجامعي الأول، وصتني خالتي أن الحياة كالباص، ولن يدوم أحدٌ لي، عليَّ فقط أن أترك كل شئ، أن أزهد فيمن أصادق، أزهدَ في متع الحياة، لن يدوم لي شئ، لم تعلم ألا شئ يدوم سوى الوحدة، لم تكن مخطئةً في أي شئٍ سوى أن الزاهد يزهد فيما يملك، لكني بلا ولا شي. مر الباص بكثير من المحطات، كانت مظلمة، صارت كالحة، حتى عَطَبتُ. لجأتُ لشئٍ لم أكن أعلم لماذا أُقبل عليه، لا أملك شيئاً لاخسره، خسرت كل شئ، أنهيت وقتها علاقةً جهدتُ كثيراً لأنجح ما كنت من البداية أعلم أنه لن يكتمل، رسبت كثيراً في الجامعة، أهرب من شيء لا أعلمه.

بدأت رحلتي من خمس سنواتٍ تقريباً، أعلم الكثير عن نفسي ولكنني لست أدري من أنا، العقاقير صارت جزءً أسياساً من حياتي، لم أعرف مذاق النوم قبلها -ربما حينما كنت طفلاً لكنني نسيت-. صرت أواجه الكثير من خيبات الأمل بصدر رحب، صارت شيئاً لا أخشاه، أدركت أن حياتي لم تكن ولن تكون سوى مسؤوليتي، كنت آمل في أن ينتشلني أحدهم، أن يحنو عليَّ أحدهم، لكن قصتي لم يكن بها سوى القسوة، الحياة قاسية، ولكن أن تقسو على نفسك لأنك لم تعرف معنى الطيبة هذا ما أنا عليه.

آتي حينما يضيق صدري، حينما تكون كل الحلول غير ممكنة، في رحلتي أدركت أن الأصوات لن تختفي، أن كل صراع يدور بداخلي سيبقى، عليَّ فقط أن التزم بالعقاقير حتى اتمكن من السيطرة عليهم، أشك في كل شئ، قدرتي على النهوض، قدرتي على الصعود، هل تستحق قصتي أن تدوم المعاناة أكثر؟ هل سيكتب لي أن تزور الطمأنينة داري؟

ن تذكر لي ما حدث في خلال العام الماضي، تسرد لي انجازاتي، تنير لي الطريق قليلاً لعلي أرى ما يراه الكل، أنه "هناك احتمال آخر لتتويج مسعانا بغير الهزيمة ما دمنا قررنا أننا لن نموت قبل أن نحاول أن نحيا" - رضوى عاشور.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فقط، استمتع.

الجنوبي - الإهداء

الصمت كالسوس