هل تعلم أن اليوم هو ما تملك؟

 "يحب ألّا نفكر في ذلك. سيعلّمنا غوينكا أن الحاضر فقط هو الذي يجب أن نعيشه. لا وجود ليوم البارحة ولا ليوم غد. إن ذكريات الماضي والتوق إلى المستقبل لا تجلب إلّا الإزعاج والقلق. إن الطريق إلى السكينة تكمن في مراقبة الحاضر وتركه يعوم بلا إزعاج في نهر وعينا"


هكذا بدأ يومي، بالأمس أنتهى اليوم بنقاش سئ بيني وبينها، كانت تطلب مني أن أبلغه بقرارها في أن لا علاقة له بتسويق شقتها لأن تٌؤجر، وأنه السبب في أن لم يأتي أحد حتى الآن لإيجار الشقة، رغم أنه يعمل كل ما يمكن لأن يستأجرها أحدهم. لم أكن مقتنعاً بكلامها وقررت أن عليها أن تبلغه بهذه الرسالة وأن لا علاقة لي بهذا الأمر، بالتأكيد نعتتني بأني لست رجلاً وأنها لا تريد أن تتكلم معه لأنه "قليل الأدب". لأكون منصفاً فهو لم يقم بإهانتها مرة في حياته، هي من تتطاول عليه وتنعته بأشنع الصفات لأنه لم يكن رجلاً أبداً في حياتها وهذا صحيح لكن الآن هو يقوم بما هو مطلوب منه قدر ما يستطيع في أغلب الأوقات وبعض الأوقات يتغلب عليه طبعه البخيل في القيام ببعض المهام التي تتطلب مبلغاً من المال ليس بالقليل.


حينما بدأ النقاش في الاحتداد، قررت أن أغلق باب غرفتي لأن الصوت كان عالياً إلى حد مزعج جداً، فلم ترد أن أفعل ذلك وطلبت مني أن أكون رجلاً وأنه كان عليَّ القيام بالبلاغ لا هي. في نهاية المطاف أغلقت الباب، لم تتركني في حالي وقامت بفتح الباب وقامت باتهامي بأنني لست رجلاً مرةً ثانية، أم ثالثة؟ لا أعلم صراحةً. قمت بالدفاع عن نفسي بشكل عاقل، وأوضحت لها أنني حتى الآن لم أقل أي شئ وأنني لن أتحمل أكثر من هذا، على مدار أسبوع ونصف تتهمني أنني السبب في رجوعه إلى البيت لأنني لست رجلاً كفاية لأتحمل مسؤولية تحمل النفقات المادية، وقلت لها بالنص "أنت شايفة أني خول عشان كدا خلتيني أرجعه، فا أنا خول، ومش راجل، وكثير القرف دا يومياً يحصل، فا ممكن تسكتي" وأغلقت باب الغرفة، ولأنها لم تكسب قررت أن تستعمل واحدة من الطرق البشعة وأن تتكلم مع نفسها بصوت مرتفع بالكثير من الأمور المستفزة، وكانت هذه القشة التي قسمت ظهر البعير، خرجت من الغرفة وقلت لها "ما تبرطميش بالكلام وتنتظري إني مردش عليك، ممكن تقطمي برطمة عشان ما أردمكيش بكلام يخليك تندمي على اللي بتقوليه دا"، وأغلقت الباب، فسكتت.

جاء هو بعدها يستعطفني لحل لهذا الموقف، وأنه سيغادر مرةً أخرى لأنها في أحد المناقشات طلبت منه أن يطلقها ويعود للعيش في بيت أهله. لم يكن كلامه يوحي بأنه يريد فعل هذا على العكس فالونس الذي يحظى به حتى ولو كان وجود أشخاص آخرين لا يتكلمون ولا يوجد بينهم أي روابط حميمة أفضل من الجلوس وحيداً في بيت لا أحد فيه، هو نفسه المكان الذي كانت تقيم فيه والدته قبل وفاتها في ٢٠٠٤. لم اتحمل النقاش وابلغته أنه حر فيما سيفعل وأن لا دخل لي فيما بينهما لأنني لا احملهم همي وبالتالي فلا شأن لي بما يدور بينهم.

لم ينتهي اليوم عند هذا الأمر، فقد جاءت لي وقررت أن تستخدم الكارت الأخير في قدرتها على التحكم بي، طلبت مفتاح سيارتها التي تدفع ثمن أقساطها، ولأول مرة قررت أن أرفض طلبها، ليس لأي شئ سوى أنني لم أقصر معها في يوم عندما احتاجت لي ومتاح لي أن أقوم بمساعدتها، لم أتمالك أعصابي هذه المرة، لم أكن هادئاً على الإطلاق، فقدت التحكم في كلامي، وكما تقذفني بكلام غير واقعي ومهين، قمت بفعل المثل وأكثر في الأذى النفسي الواقع عليها، فليس لدي شئ أخسره، فقدت النوم الذي كان بدأ بفعل دوائي المضاد للذهان والمساعد على النوم -الذي زادت جرعته الضعف نظراً لأنني أمر بحالة تتطلب هذا الأمر-، قلت لها أنني غير ملزم بتحمل أي أعباء تخص المنزل، أنا لست زوجها، هي من قامت باختيار العيش في شقة بالإيجار رغم أننا نمتلك شقة ملك ونستطيع العيش بها - هي ترفض الرجوع إلى هناك لأنها "لا ترتاح نفسياً للمنطقة وهو أمر واقعي" - لحين مقدرتنا على إيجار شقة في منطقة أفضل، ولا دخل لي في دفع ثمن قراراتها التي أدت لمرورنا دائماً بضغط نفسي منها أنها لا تمتلك ثمن القسط، الإيجار، وشراء مستلزمات البيت. كان دفاعها عن عدم الرجوع هو أن أخي سيسكن هناك بعد سنة وأننا لا يمكن العيش في الشقة الملك، ولكن هذا الأمر غير صحيح وكان ردي عليها أننا كنا في مرحلة الانتقال من إيحار إلى إيجار آخر في يوليو وأخي قام بالخطبة في نوڤمبر، ولهذا السبب فإن عذرها ليس صحيحاً وأن لا دخل لي في أن أوفر ٥٠٠٠ لتقوم بدفع قسط السيارة. حينها طلبت مني المفتاح بصرامة ووقاحة لا تحتمل، لأنها تدفع الأقساط فقط وأي شئ فيما عدا ذلك أتحمله ولهذا فإن ملكية السيارة لها ولكنني أيضاً لي الحق في الحصول عليها.


أنتهى الأمر بتهديدها أنها ستقوم بأخذ المفتاح عنوه، وأنه سيأتي يوم ولن أجد المفتاح في حوزتي. أثار هذا جنوني، لأننا الآن نتكلم في اختراق خصوصيتك وخصوصية غرفتي التي تكلمت عنها في صباح نفس اليوم مع طبيبتي وأنها في واقع الأمر تستهجن أن يكون شاب في مثل عمري لا يستطيع أن يحظى بخصوصية داخل غرفته، وأن هذا شرعاً ومنطقياً مرفوض تماماً.


في صباح اليوم، كان لدي جلسة مع Product Manager على موقع لأشخاص ذي باع كبير في مجالاتهم لتقديم النصائح لمن هم أقل خبرة "Mentors" وكانت جلسة لطيفة وساعدتني كثيراً في التفكير بشكل منطقي في كيفية الانتقال من مهنتي الحالية إلى هذا المجال الأفضل على نواحي كثيرة. بعدها قررت أنني سأقوم بالنزول والحصول على وقت لنفسي واحتساء شراب ساخن وقراءة جزء من علاج شوبنهاور، هذه ثاني رواية لي بعد انقطاع عام ونصف، وثاني رواية في هدفي لقراءة ١٠٠ كتاب في السنة الحالية.


حتى الآن يومي جيد، أعلم أن لا شئ يدوم وأن الحياة ليست ثابتة، خطتي في الست أشهر القادمة هي السعي للاستقلال و العيش بمفردي بعيداً عنهم. ليست خطة صعبة ولكنها تتطلب الكثير من الالتزام وصرف ما هو ضروري فقط، وإن تعرفني جيداً فستعلم أني شخص مبذر استقراطي دائماً يشتري ما يريد، وهذا شئ يتنافى مع منطقي والجملة الشهيرة لعمر بن الخطاب "أوكلما اشتهيت اشتريت".

الخطة هي أن أقوم بشراء المهم واللازم، في الشهور القادمة ما يهمني هو شراء مرتبة مريحة، شاشة لكي أعمل عليها بدلاً من شاشة الماك الصغيرة للغالية والشاشة القديمة التي تؤلم العين بسبب الألوان الغير منتظمة وانطفاء الإضاءة بدون سبب واضح.


سألتني طبيبتي بالأمس لماذا أقرأ آخر أعمال الكتاب قبل موتهم، هل هناك هدف لمثل هذا الفعل. وحينما فكرت في سؤالها ورد على بالي شئ واحد، أنني مهتم بمعرفة كيف كانت الأيام الأخيرة للأشخاص، سواء بمعرفتهم أنهم سيموتون قريباً، كان هذا في كتاب محمد أبو الغيط الأخير أنا قادم أيها الضوء، ولكن اهتمامي برواية رضوى عاشور الأخيرة فرج، على أيةِ حال، لست مهتماً بهذا الأمر كثيراً، استعدت شهيتي للقراءة، وقررت أنني سأنفق بعض المال لشراء على الأقل ٣ أو ٤ روايات في الشهر، وأنني سأعود لخوض تجارب الكتاب في رواياتهم والحصول على حياة موازية بجانب حياتي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

في رثاء عزيزةٍ

Mania -1

نعكشه